مدينة قرطبة فى العصر الاسلامى

النهضة العلمية
للحال التي رأينا، وللحياة التي شاهدنا لا غَرْوَ أن تُصْبِحَ قرطبة (منتصف القرن الرابع الهجري/ العاشر الميلادي)، وكأنها مدينة عصرية، تضارع المدن العالمية في الألفية الثالثة! وكيف العجب وقد انتشرت المدارس لتعليم الناس، وانتشرت المكتبات الخاصَّة والعامَّة، حتى صارت هي أكثر بلاد الله كُتبًا‍‍، وحتى غَدَتْ مركزًا ثقافيًّا ومجمعًا علميًّا لكل العلوم وفي شتى المجالات، وقد كان الفقراء يَتَعَلَّمُون في مدارس بالمجَّان على نفقة الحُكَّام أنفسهم؛ ولذا فليس عجيبًا أن نعلم أن جميع أفراد الشعب كان قد عرف القراءة والكتابة، ولم يُوجَدْ في قرطبة شخص واحد لا يجيد القراءة والكتابة، في حين لم يَكُنْ يعرفها أرفع الناس في أوربا، باستثناء بعض رجال الدين!
النهضة الإدارية
وجدير بالذكر أن هذه النهضة العلمية والحضارية في مدينة قرطبة في ذلك الوقت، واكبها أيضًا نهضة إدارية؛ وذلك من خلال عدد من المؤسسات والنُّظُمِ الرائدة في الحكم؛ منها: الإمارة والوزارة، وقد تطوَّرَتْ أنظمة القضاء والشرطة والحِسْبة، وغيرها، وواكبتها أيضًا نهضة صناعية عظيمة؛ إذ تطورت فيها الصناعة كثيرًا، واشتهرت صناعات؛ مثل: صناعة الجلود، وصناعة السفن، وآلات الحرث، والأدوية، وغيرها، وكذلك استخراج الذهب والفضة والنحاس.
الحياة المدنية والعصرية في قرطبة
أمَّا إذا نظرنا إلى الحياة المدنية والعصرية فيها، فنراها مُقَسَّمَة إلى خمس مدن، وكأنها خمسة أحياء كبرى، يقول المقري: "وبين المدينَة والمدينَة سور عظيم حصين حاجز، وكل مدينة مستقلَّة بنفسها، وفي كل منها من الحمامات، والأسواق، والصناعات... ما يكفي أهلها".
كما تميزت قرطبة -كما يذكر ذلك ياقوت في معجم البلدان- بأسواقها الممتلئة بكافَّة السلع، 
وكان لكل مدينة سوقٌ خاصٌّ بها

Post a Comment

0 Comments